يشهد الاقتصاد الكندي حاليًا مرحلة حرجة تتطلب تدخلًا حاسمًا من بنك كندا، حيث يتوقع الخبراء على نطاق واسع أن يقوم البنك المركزي الكندي بخفض سعر الفائدة بشكل كبير خلال اجتماعه المقبل، وذلك في مسعى منه لإنعاش الاقتصاد المتباطئ وتخفيف حدة التضخم المتراجع.
الدولار الكندي تحت ضغط متزايد:
يعاني الدولار الكندي من ضغوط متزايدة منذ بداية العام، حيث شهد تراجعًا ملحوظًا مقابل نظيره الأمريكي.
يعزى هذا التراجع إلى عدة عوامل، أبرزها:
- تراجع أسعار النفط: تعتبر كندا من أكبر منتجي النفط في العالم، وبالتالي فإن انخفاض أسعار النفط العالمية يؤثر سلبًا على عائدات صادراتها ويزيد من الضغط على عملتها.
- تراجع الطلب العالمي: يؤثر التباطؤ الاقتصادي العالمي سلبًا على الطلب على الصادرات الكندية، مما يضعف الطلب على الدولار الكندي.
- السياسات النقدية للبنوك المركزية الأخرى: تتأثر قيمة الدولار الكندي بالسياسات النقدية التي تتبعها البنوك المركزية الأخرى، خاصة البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
التضخم يتراجع عن المستهدف:
يشير أحدث البيانات الاقتصادية إلى تراجع معدل التضخم في كندا إلى مستوى أقل بكثير من الهدف الذي حدده بنك كندا.
هذا التراجع يعكس تباطؤ النمو الاقتصادي وضعف الطلب الكلي.
كما أن جائحة كوفيد-19 وما تبعها من اضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية قد ساهمت في زيادة التضخم مؤقتًا، ولكن مع استقرار الأوضاع العالمية، بدأ التضخم في الانخفاض.
توقعات بخفض كبير في الفائدة:
يتوقع المحللون الاقتصاديون أن يقوم بنك كندا بخفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس خلال اجتماعه المقبل.
هذا الخفض الكبير يهدف إلى تحقيق الأهداف التالية:
- تحفيز النمو الاقتصادي: من خلال خفض تكلفة الاقتراض، يشجع البنك الشركات والأفراد على الاستثمار والإنفاق، مما يدفع عجلة النمو الاقتصادي.
- دعم سوق العمل: يساهم خفض الفائدة في زيادة فرص العمل وخفض معدلات البطالة.
- منع حدوث ركود اقتصادي: يهدف البنك إلى تجنب حدوث ركود اقتصادي من خلال اتخاذ إجراءات استباقية لدعم النمو.
تأثير الخفض على الاقتصاد والدولار:
من المتوقع أن يؤدي هذا الخفض الكبير في سعر الفائدة إلى تراجع قيمة الدولار الكندي بشكل أكبر.
وذلك لأن المستثمرين يميلون إلى نقل استثماراتهم إلى عملات أخرى توفر عوائد أعلى.
كما أن انخفاض الفائدة يجعل من الأقل جاذبية للاحتفاظ بالودائع بالدولار الكندي.
آراء الخبراء:
يرى الخبراء الاقتصاديون أن بنك كندا يواجه تحديات كبيرة في تحقيق التوازن بين الحاجة إلى دعم النمو الاقتصادي والحد من المخاطر التي تهدد الاستقرار المالي.
فمن جهة، يتطلب التباطؤ الاقتصادي الحالي اتخاذ إجراءات تحفيزية، ومن جهة أخرى، قد يؤدي خفض الفائدة بشكل كبير إلى زيادة التضخم في المستقبل.
المستقبل:
سيكون من المهم متابعة ردة فعل الأسواق على قرار بنك كندا. فإذا كان الخفض أكبر من المتوقع، فقد نشهد تراجعًا حادًا في قيمة الدولار الكندي.
ومن المتوقع أن يؤثر هذا التراجع على العديد من القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك:
- قطاع الصادرات: قد تواجه الشركات الكندية صعوبات في التنافس في الأسواق العالمية بسبب ارتفاع تكاليف إنتاجها.
- قطاع العقارات: قد يؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى زيادة الطلب على العقارات وارتفاع أسعارها.
- المستهلكون: قد يستفيد المستهلكون من انخفاض أسعار الفائدة من خلال الحصول على قروض بأسعار فائدة أقل.
في الختام، يواجه الاقتصاد الكندي تحديات متعددة، ويأتي قرار بنك كندا بخفض سعر الفائدة في إطار سعي البنك المركزي إلى تحقيق التوازن بين دعم النمو الاقتصادي وضمان استقرار الأسعار.
ومع ذلك، فإن هذه السياسة النقدية التيسيرية تحمل في طياتها مخاطر يجب أخذها في الاعتبار.