“عيد الام” … يصادف اليوم 21 مارس من كل عام مناسبة عيد الأم في غالبية الدول العربية، والتي تعتبرها مناسبة اجتماعية عامة وعطلة رسمية في غالبية تلك الدول، ويحتل مكانة كبيرة في الاحتفالات الحكومية والاجتماعية تفرد لها أجنحة المتاجر والمطاعم عروضها وهداياها.
ويعد اختيار يوم 21 مارس وهو بداية فصل الربيع إشارة واضحة لأهمية هذا اليوم في غالبية الثقافات العربية، وهو ما يمثل بداية الخير والعطاء والوفرة في غالبية الثقافات، واعتدال المناخ، وبدء موسم العمل خصوصا للمزارعين.
غير أن الدول التي تحتفل بعيد الأم اليوم تبدو الأقل عددا في العالم، حيث يختلف موعد تحديد هذا العيد الذي بدأ الاحتفال به مطلع القرن العشرين، وفقا لثقافة كل دولة، وتنوع الثقافات والحضارات في العالم، حتى بالنسبة لبعض الدول العربية المغاربية التي لا تعتبر يوم 21 مارس عيدا للأم في ثقافتها.
وعلى الرغم من الطبيعة الإنسانية غير المادية للمناسبة، فقد يعاني المقيمين في أكثر من 66 دولة منها كندا من عدم الشعور بروحية العيد في مجتمعاتهم الجديدة كونها لا تحتفل بهذه المناسبة في اليوم نفسه، بل تختلف مواعيدها في كل دولة وفقا لثقافاتها الإنسانية المتنوعة.
فلو كنت مقيما في كندا أو أكثر من 66 دولة أخرى، فربما عليك تأجيل تلك المناسبة أو الاحتفال فيها شخصيا، من دون أن تكون العروض المميزة والمنتجات الخاصة بالمناسبة وكذلك الاحتفالات والزينة وغيرها متاحة سوى في بعض المطاعم والأندية العربية.
والحقيقة… أنه من النادر أن تؤثر العادات الجديدة والإندماج الثقافي للمقيمين في البلاد الجديدة على يوم الأم التي ربما في ذكراها وحدها تعيدنا إلى واقعنا الحقيقي وإلى نفوسنا قبل أن تغرقها شوائب الحياة الكثيرة، فلكلمة الأم وحدها صدى هادئا في الآذان وموسيقى خاصة تخرجنا من العوالم المادية الظالمة، لطهر النقاء والإيمان بالعطاء من دون مقابل والحب من دون غايات .
ثقافة عيد الأم
وتعد كل من كندا وأميركا وألمانيا وتركيا والدنمارك من الدول التي لا تحتفل بـ “عيد الأم” اليوم، بل يوافق الأحد الثاني من شهر مايو آذار من كل عام اليوم الرسمي للمناسبة، التي لا تعتبرها تلك الدول بشكل عام مناسبة مستقلة أو عيدا فيديراليا أو عطلة رسمية، وإنما تعتبره جزءا من عيد ديني أو عيد الأسرة.
وعلى الرغم من ذلك لا توجد ثقافة في العالم إلا وتدرك دور الأم في بناء المجتمع ودورها العاطفي الذي يحتل المرتبة العليا بين العواطف الإنسانية، ففي كندا على سبيل المثال يحين الوقت في هذه المناسبة ليعرب الأبناء عن حبهم وامتنانهم لأمهاتهم، وهنا تشمل شخصية الأم أيضا أمهات الأزواج والأوصياء بل ويتعدى ذلك إلى شكر كل امرأة قدمت عاطفة الأمومة بطريقة ما سواء بالاهتمام أو بمساندة الأولاد وباقي الأسرة في التغلب على مصاعب الحياة.
وجاء الاحتفال بعيد الأم في كندا من جارتها أمريكا ويعود فضل هذه المناسبة إلى الصحفية والناشطة الأميركية(آناجارفيس) التي أحيت ذكرى والدتها في أميركا عام 1908، والتي أطلقت حملة لجعل عيد الأم معترفا به في الولايات المتحدة في وقتها.
و”آنا جارفيس” هي ناشطة أميركية ولدت في 1864، كانت أمها دائما تردد العبارة: “في وقت ما، وفي مكان ما، سينادي شخص ما بفكرة الاحتفال بعيد الأم”، حيث كانت تمثل رؤيتها أنه في حال احتفلت كل أسرة بعيد الأم مهما كانت ظروفها لاسيما عند وجود خلافات داخل الأسرة مع بعضها سينتهي الكره من القلوب، وتعتبر زهرة القرنفل رمزا مشهورا لعيد الأم في كندا وكذلك الولايات المتحدة.
وكما في كندا والولايات المتحدة، كذلك في 66 دولة حول العالم، بما فيها تركيا والدانمارك والدول الأسكندنافية، ودول في أمريكا اللاتنية وعدد من دول أوروبا، يوافق عيد الأم الأحد الثاني من شهر مايو من كل عام.
مواعيد الاحتفال
ومن الدول التي لا تحتفل بعيد الأم وإنما تتبع في هذه المناسبة للتقويم الأمريكي أي الأحد الثاني من شهر أيار أيضا، كل من أستراليا والنمسا وبلجيكا وبنغلاديش والصين وكولومبيا والبرازيل وكرواتيا والإكوادور وإستونيا وفنلندا وألمانيا واليونان والهند وإيطاليا واليابان ولاتفيا وماليزيا ومالطا والفلبين وجنوب أفريقيا وسويسرا وتايوان وهولندا وفنزويلا وزامبيا.
وتحتفل بريطانيا وأيرلنديا بعيد الأم في الأحد الأخير من شهر آذار من كل عام ويعرف بأحد الأمهات، ويوافق يوم الأحد الذي يسبق عيد الفصح بثلاثة أسابيع أو الأحد الرابع من الصوم الكبير، حيث تعود الخلفية التاريخية للاحتفال بهذه المناسبة إلى القرن السادس عشر والتي ارتبطت بزيارة المسيحيين للكنيسة الأم في عيد الفصح.
ويختلف أيضا تاريخ الاحتفال بالمناسبة في الأرجنتين الذي وافق يوم 3 أكتوبر من كل عام، بينما تحتفل جنوب إفريقيا بالمناسبة في الأول من مايو، وإندونيسيا في 22 ديسمبر، كما اختارت روسيا الاحتفال بهذا اليوم في الأحد الأخير من نوفمبر، وتحتفل به إسبانيا في الأحد الأول من أيار، أما بلغاريا ومقدونيا يحتفلون في 8 آذار؛ وجورجيا في 3 آذاروهناك من يعتمده في الثامن من الشهر كما عليه الحال بكوريا الجنوبية.
ولدول أخرى ثقافتها الخاصة ايضا حيث تحتفل كل من فرنسا،والسويد، جمهورية الدومينيكان، وهايتي، ومدغشقر، وجزر موريس، وساحل العاج، بيوم الأم في أول أحد من يونية من دون أن يكون له تاريخ ثابت، وتبتعد غالبية عاداتها الاجتماعية عن إنفاق الأموال لشراء الهديا لعدم رغبتها في تحويل العيد إلى عيد تجاري على الرغم من المظاهر الاحتفالية على واجهات المحال والشوارع.
وتلحق عدد من الدول العربية بالتقويم الفرنسي للاحتفال بالمناسبة طبعا للثقافة المكتسبة جراء الوقائع التاريخية ومنها تونس والمغرب والجزائر، وتعتبر النرويج الدولة الوحدية في العالم التي تحتفل بعيد الام في ثاني أحد من فبراير من دون اشتراكها مع أي دولة أخرى في المناسبة، وتعتبره عيدا دينيا في الأساس.
الدول العربية
أما في معظم الدول العربية فيحتفل بعيد الأم في 21 مارس/آذار ومنها مصر والبحرين وإيران والعراق والأردن والكويت ولبنان وليبيا وعُمان والسعودية وسورية والسودان وفلسطين واليمن والإمارات العربية المتّحدة، وهو اليوم الذي يوافق يوم الانقلاب الربيعي من كل عام، ونظرًا لأهمية الربيع في هذه المجتمعات اختير عيدا للأم ليكون رمزا للتفتح والصفاء والمشاعر الجميلة.
ويعود الفضل في نقل هذه الثقافة إلى العالم العربي للكاتب الصحفي المصري مصطفى أمين،مؤسس جريدة(أخبار اليوم)، الذي عرّف بهذه المناسبة من خلال مقال قال فيه”لما لا نحتفل بيوم موحد بعيد الأم ونجعله يومًا قوميًا في بلادنا؟”،عام 1955, وأقبلت بعدها بقية الدول العربية على تخصيص هذا اليوم للاحتفال بالأم أيضًا.
يقدم بعض الأشخاص بطاقات أو زهورًا أو شوكولاتة، أو يصنعون أشياء مصنوعة يدويًا أو هدايا مختلفة أو يصنعون وجبات خاصة في يوم عيد الأم.